من قصص العصر الجاهلي
يحكى أنه كان هناك في زمن الجاهلية رجلٌ يدعى (الحارث) ..ولدت له زوجته بنتاً فلم يفرح بها..وبعد عامين ولدت له بنتاً أخرى ، فاسودّت الدنيا في عيني الحارث ..وبعد عامٍ ونصف أتبعتها بالثالثة ، فطفق الحارث يغطي وجهه حياءاً من الناس من سوء ما بُشّر به ..فعمد الى زوجته فضربها ضرباً شديداً ثم انتزع منها الرضيعة وحمل بناته الثلاثة على فرسه وانطلق بهنّ الى الصحراء يريد بذلك دفنهنّ والتخلص من عاره حسب اعتقاده ..
وكان المجتمع في ذلك الوقت يجيز للرجل وأد بناته ولا يحقّ لأحدٍ أن يعترض عليه أو أن يراه مجرماً في فعلته..وصل الحارث الى مكانٍ قفر .. فشرع بحفر الارض .. وساعدته كبرى بناته في الحفر بسرورٍ لاعتقادها أن أباها يلعب معهنّ فحسب ..وفي تلك الأثناء..مر غلامٌ أسود .. وشاهد ما يفعله الحارث .. فانطلق الغلام مسرعاً الى سيّده وكان شيخاً كبيراً وأخبره بما رأى..فترك الشيخ خيمته وهرع الى حيث أشار الغلام ، فأدرك الحارث وهو يهيل التراب على بناته وهنّ يتصارخن ويتباكين .. فأشفق الشّيخ عليهن فأسرع وجعل نفسه حائلاً بين الحارث وبناته..فڠضب الحارث وشتم الشيخ وأنكر عليه فعله ، فطلب منه الشيخ أن يكفّ عمّا يفعله ببناته فلم يقبل الحارث..فتوسل إليه الشيخ أن يُبقي على حياتهن إكراماً لشيبته فلم يقبل ايضا ..ثم طلب منه الشيخ أن يشتري منه بناته فأبى الحارث كذلك ..
فأخذ الشيخ يزيد له في السعر وفوقهن من الأبل ما يطلب ، لكن الحارث رفض وأصر على قتلهن ،فڠضب الشيخ وقال:ويحك يا رجل .. ما الجرم الذي ارتكبنه تلكم الفتيات الى درجة ان تدفنهن وهنّ أحياء ؟؟قال الحارث:ليست المسألة في المال ... فحتى لو بعتك إياهن ، فسيبقين بناتي وسيعلم الناس بذلك .. ولن يقولوا اُولئك بنات الشيخ ، بل اُولئك بنات الحارث ..رد الشيخ :إذن خذ المال وأبقي البنات عندك .. فإذا خشيت الفقر فأنا أتكفل بمصروفهن ..فأبى الحارث كذلك وقال:أخبرتك ان المال ليس المشكلة ... وجودهنّ على قيد الحياة وارتباطهن بي هو جوهر المشكلة..عندها..عرض عليه الشيخ أن يزوج أحفاده لهن حالما يبلغن .. وأقسم له أنه على استعدادٍ بأن ينشر على الملأ ذلك الخبر الآن وحالا ..لكن الحارث زاد في لجوجه وعناده ولم يرضَ إلا بدفنهن أو ذبحهن ..