كنت لا أصلي قبل الثلاثين عام والآن أصبحت ملتزم بالصلاة هل المفروض قضاء ما فاتني ام اتوب واستغفر
الإجابة هذه المسألة من المسائل الكبيرة الهامة والعلماء مختلفون فيها . فجمهورهم قالوا يجب عليه قضاء جميع الصلوات التي تركها بعد البلوغ ولو كانت أكثر من خمسين سنة وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد فجميع هؤلاء الأئمة الأربعة متفقون على أنه يجب عليه قضاء ما فاته بعد بلوغه وحجتهم أن هذا الشخص بالغ عاقل مسلم ملتزم لأحكام الإسلام والصلاة من أوجب واجبات الإسلام بل هي أعظم أركانه بعد الشهادتين ولم يقم دليل على أن تأخيرها عن وقتها مسقط لوجوبها بل لو كان تأخيرها عن الوقت عمدا مسقطا لوجوبها لكان فيه فتح باب للتلاعب وإضاعة الصلاة وهذا الشخص إذا صح أنه تائب فإن من تمام توبته أن يقضي ما وجب عليه في ذمته كالدين لآدمي إذا أنكره ثم ندم وتاب فإنه لا يبرأ منه إلا بدفعه إلى صاحبه وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من نام عن الصلاة أو نسيها أن يصليها إذا ذكرها أو استيقظ فإذا كان هذا في حق النائم أو الناسي وهما معذوران فكيف بحال المستيقظ الذاكر المتعمد لتركها أفلا يكون أولى بالأمر بالقضاء ممن كان معذورا وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما شغله المشركون عام الخندق عن الصلاة صلاها بعد الغروب فدل ذلك على وجوب قضاء الصلاة إذا فاتت فهذه أربعة أدلة على وجوب القضاء مجملها كما يلي 1 أنه شخص بالغ عاقل مسلم ملتزم لأحكام الإسلام فوجب عليه قضاء الصلاة إذا فوتها كما يجب عليه أداؤها في الوقت. 2 أنه شخص عاص لله ورسوله على بصيرة فلزمته التوبة ومن تتمتها أن يقضي ما فاته من الواجب. 3 أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب على المعذور بنوم أو نسيان قضاء ما فاته من الصلوات فغير المعذور من باب أولى. 4 أن النبي صلى الله عليه وسلم انشغل بالجهاد عن الصلاة في غزوة الخندق فقضاها بعد فوات وقتها فغير المشغول بالجهاد من باب أولى. . وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى عدم وجوب القضاء على من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها وقال إنه لو صلى آلاف المرات عن الصلاة الماضية التي فوتها باختياره عمدا لم تنفعه شيئا ولكن يجب عليه أن يحقق التوبة واللجوء إلى الله ويكثر من الاستغفار والنوافل والتوبة تجب ما قبلها وتهدمه والتائب من الذنب كمن لا ذنب له وفي هذا مصلحة للتائب وتسهيل عليه وترغيب له في التوبة فإنه ربما يستصعب التوبة إذا علم أنه لا تقبل توبته حتى يقضي صلاة ثلاثين سنة ونحوها والله تعالى يحب من عباده أن يتوبوا إليه وقد يسر لهم باب التوبة وفتحه لهم وأزال العوائق دونه ورغبهم في دخوله