اذا احسست بالسحر
ممنوع في الشرع، ولكن الكمال هو تركه، فقد جاءت أحاديث كثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تدل على جواز الرقية، وجواز الاسترقاء، ومن ذلك قول عائشة -رضي الله عنها-: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرني أن أسترقي من العين". رواه البخاري، ومسلم. إلى غير ذلك من الأحاديث. ولا تعارض بين هذا وحديث_ "يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفًا بغير حساب. قيل: يا رسول الله، من هم؟ قال_ "الذين لا يرقون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون" رواه البخاري، ومسلم.
فالأول يدل على الجواز، والثاني يدل على فضيلة ترك ذلك اعتمادًا على قوة التوكل على الله تعالى، ورسوخ اليقين، وحمله بعضهم على ترك الاسترقاء ممن يرقي بالرقية الممنوعة؛ قال الإمام النووي -رحمه الله- في شرح مسلم:
المدح في ترك الرقى المراد بها الرقى التي هي من كلام الكفار، والرقى المجهولة، والتي بغير العربية، وما لا يعرف معناها، فهذه مذمومة لاحتمال أن معناها كفر، أو قريب منه، أو مكروه. وأما الرقى بآيات القرآن وبالأذكار المعروفة فلا نهي فيه، بل هو سنة. ومنهم من قال في الجمع بين الحديثي _إن المدح في ترك الرقى للأفضلية، وبيان التوكل والذي فعل الرقى، وأذن فيها لبيان الجواز مع أن تركها أفضل، وبهذا قال ابن عبد البر، وحكاه عمن حكاه، والمختار: الأول. وقد نقلوا الإجماع على جواز الرقى بالآيات، وأذكار الله تعالى قال المازري: جميع الرقى جائزة إذا كانت بكتاب الله أو بذكره، ومنهي عنها إذا كانت باللغة العجمية، أو بما لا يدرى معناه، لجواز أن يكون فيه كفر... وأما قوله في الرواية الأخرى_ يا رسول الله، إنك نهيت عن الرقى، فأجاب العلماء عنه بأجوبة: أحدها: كان نهى أولًا، ثم نسخ ذلك، وأذن فيها وفعلها، واستقر الشرع على الإذن.
والثاني_أن النهي عن الرقى المجهولة كما سبق.
والثالث _أن النهي لقوم كانوا يعتقدون منفعتها وتأثيرها بطبعها، كما كانت الجاهلية تزعمه في أشياء كثيرة. أما قوله في الحديث الآخر (لا رقية إلا من عين أو حمة) فقال العلماء: لم يرد به حصر الرقية الجائزة فيهما، ومنعها فيما عداهما، وإنما المراد: لا رقية أحق وأولى من رقية العين والحمة لشدة الضرر فيهما. انتهى.
والله أعلم.